06‏/02‏/2011

فرعون الفاسق

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين

الاستخفاف يعني التلاعب بالعقول , يعني كريزما وقدرة على الخطابة واعلام كاذب

لماذا نجح فرعون بالتلاعب بعقولهم ؟  لأن الفسق هي مرحلة الأولى نحو تدمير سلامة التفكير وملكة الاستدلال .

أي عاقل تخبره بأن الطريق الذي فيه جميل ولكن في نهايته منزلق كسر قدم الكثيرين , وهناك طريق آخر طويل ولكن السلامة المضمونة فماذا سيتخار ؟ بلاشك طريق السلامة
أما مع الفسقة فتقول له طريقك قبيح وهناك طريق أجمل سيصلك لجمال أبدي , فيجيبك بكل شيء غريب عجيب " يجلط " الأنبياء قبل المساكين . سيقول لك : وقت ! خوف ! الوطن ! الفتنة ! العائلة ! الـ الـ الـ . وفي النهاية يجمع الفسقة بأن يكون الله في آخر اهتماماتهم فما يكون من الله إلا أن يعاملهم بالمثل : اولئك الذين طبع على قلوبهم وسمعهم وابصارهم واولئك هم الغافلون

اقترح احد كفار قريش في اجتماع لهم , أن يطردوا النبي من مكة , فأخبره إبليس ( الذي تمثل بشكل إنسان ) بأنه اقتراح غبي ! لأنه سيفتن الناس بكلامه و وجهه !
لاحظ بأن " وجه " النبي كان مشكلة لدى الكفار , إذا كان الرجل الصالح نرتاح لرؤيته من المرة الأولى فكيف ونحن أمام أمير الصالحين وسيدهم ؟!
ويخبرنا التاريخ بأن الحسن والحسين كانا من أشد الناس شبهاً بالنبي , ومع ذلك حين استشهد بكربلاء لم يكتفي بعض قاتليه بازهارق روجه , بل بتمزيق جسده حتى أن أحد حمل سيفه وغرسه عدة غرسات في عين الحسين . فلماذا يفعل ذلك مع أن مهمته كانت منحصرة في قتل الحسين ؟!
الأمر واضح فحين  يحترف الإنسان الفسق يصبح كل عنوان يثير ضميره عنوان مؤلم يجب الانتقام منه بدلا من شكره !

الفاسق حين يفسق مع ربه ومجتمعه من الطبيعي أن يفسق مع نفسه , فهو حين يسمع " همسات " لضميره , يعتاد على الكذب على نفسه , فينقسم مع الله , فهو من داخله يود حقاً الإنتقام من الله ولكنه أجبن من أن يعترف بذلك , فيختزل الله بشعارات , فيتحدث بكل حرارة عن الله ووجوب عبادته وطاعته ومع ذلك كل أفعاله  ضد الله تماماً !  فهو لديه إله آخر تسمى الدنيا ..

يقول الإمام الصادق عليه السلام : ما من عبد إلا في قلبه نكته بيضاء فإذا أذنب ذنباً خرج لنكتة سوداء فإن تاب ذهب ذلك السواد , وان تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد  حتى يغطي البياض , فإذا البياض لم يرجع صاحبه الى خير ابدا وهو قول الله عز وجل : " بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون "

بعد انسجام الطاغية بالقوم الفاسقين , تبدأ معركة حفظ الاستقرار فأعلن فرعون بأنه معيار الحق , وأن العقول كافة لا تستطيع أدراك الحق , فقال أنا ربكم الأعلى وصفق الأوغاد !

ومع كل الهروب مع الضمير إلا أن هيمنته لا تنتزع بسهولة , فحجة الله بالغة في الإنسان , لذلك ومع كل قوة فرعون إلا أن مناماً صغيراً أفزعه , تماما مثلما حدث مع بن علي , فأن أحدهم أخبره بأن هناك نية للهجوم على القصر من المتظاهرين , فلم يترك القصر فقط ولكنه هرب من كل البلاد !
وينقل التاريخ أيضا حكاية الحاكم الذي كان في زمن دانيال , و أُخبر بأنه سيقتل في اليوم الفلاني كتفسير لأحد مناماته , فطرد كل من في القصر وفي النهاية قتل نفسه حين رأى ظله ! ولهذه الحكاية دلالة عظيمة بأن الطاغية يسير بخطوات نحو هلاكه ( الثورات عليه ) و أنه جبان ويخاف حتى من نفسه .

سفك فرعون الدماء تلو الدماء , وأي دماء ؟ دماء لأطفال لا ذنب لهم في شيء إلا أنهم يفزعون فرعون العاجز عن النوم  , فما كان من الله إلا أن يجعل قاتل فرعون يعيش أمام عينيه ..

و جاء موسى بعد مناظرات ليوم الحسم وخروج السحرة للمبارزة العظيمة  فما كان منهم  إلا استخدام ما احترفوه وهو الجهل والكذب , فتنقل بعض الروايات بأن الأفاعي التي وضعها للمنافسة ما هي إلا أدوات بمواد كيميائية تتحرك من سقوط الحرارة الشمس عليها ! , فما كان نصيبهم إلا الهزيمة و وعد فرعون لهم بالعذاب , من دوي فحيح أفعى موسى !

وحين رأى فرعون تلك الأمواج وهي تسلبه أنفاسه تاب عن طغيانه . ينقلب على فطرته ينقلب مع بعض الأوغاد ثم ينقلبون عليه  ثم ينقلب هو على نفسه !

**

ألم تتذكروا كيف استقال أحمد عز من الحزب الوطني , وكيف أن القاضي أصدر أمراً بتجميد حساباته البنكية ومن السفر ؟

يمهل ولا يهمل يا بو عزعز !

على الهامش :
كنت ادور صور حق احمد عز فلاعت جبدي  قلت خل اخليه من دون صورة احسن

وشكرا

هناك 8 تعليقات:

Amwaj يقول...

شكرا لك إنت على هذي المقالة الحلوة

" يمهل ولا يهمل " كلما أقراها تعطيني قوة :)

يعطيك العافية أحمد

Safeed يقول...

(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ..)
قال الراغب: (العيش الحياة المختصة بالحيوان) وهو أخص من الحياة..

غير معرف يقول...

وحين رأى فرعون تلك الأمواج وهي تسلبه أنفاسه تاب عن طغيانه . ينقلب على فطرته ينقلب مع بعض الأوغاد ثم ينقلبون عليه ثم ينقلب هو على نفسه !

....لا أعلم لماذا كلما قرأت شيئا يخص قصة موسى عليه السلام وفرعون وكيف انقسم البحر....أتخيل ذلك المشهد في عيني...ولكن وقتها لا ينفع الندم ولا مكان للتوبة بعد فوات الأوان

يمهل ولا يهمل.....جماة مختصرة تحمل الكثير بين طياتها...

رائعه التدوينه....

دمت بود

BookMark يقول...

وكم من فرعون في عالمنا؟

فقط
يمهل ولا يهمل!

شكرًا لك

غير معرف يقول...

تسلم إيدك على المقارنة الرائعه
وإسقاط قصص السابقين على الوضع الحالي
وختاما
دولة الظلم ساعه ودولة الحق إلى قيام الساعه

أحمد محمدي يقول...

لكل الاعزاء هنا .. شكرا لكم

Seldompen يقول...

لابد لصوت الظلم أن يندثر ..

ويعلو صوت الحق ويسعد مسامع أصحابه ..

تدوينة رائعة حقاً ..

=)

شكراً لك ..

صفحات مُلطخّة بحروفي يقول...

الخيرُ دوماً ينتصِر ،
والنصرُ قريبٌ باذن الباري ..

ربطٌ رائع

إرسال تعليق

 

2010 أحمد محمدي. Blogger Templates created by Deluxe Templates | تعريب و تطوير : حسن