11‏/03‏/2011

الختامية



كان كارل يونغ العالم النفساني الشهير في عيادته , يسجل ما يقوله مرضاه , فرصد الكثير من الرموز التي قيلت منذ آلاف السنين وفي حضارات قديمة , لم يجد في تاريخ مرضاه , أي رابط بين رموزهم وتراث الحضارات السالفة , وحينها أدرك بأن هناك تاريخ للروح , وبأن الرمز موطن المعنى , فنشغل بالتأويل وكشف المباني النفسية , فكانت حياته بحق مناما يفسر مناما .

لم يكن هو الأول الذي خاض الأساطير , فقبله الكثير , منهم  :
الفيلسوف اليوناني صاحب نظرية الفيض في الخلق " افلوطين " ( شخصية مختلفة عن افلاطون ) وهو اخر فلاسفة اليونان له تأثير عميق بتاريخ الفكر البشري وصولا الى المسلمين .

لم يترك الا كتاب التاسوعات وهو كتاب ضخم كتبه تلميذه فرفوريوس عام 300 بينما كان افلوطين عمره 68 تقريبا
يقول في  تاسوع  المعنون بـ " الحسن والجمال " :

" فالواجب عند ادركنا للحسن في الاجسام الا نتهافت اليه , بل ننتبه  الى انه ارتسام واثر وظل , فنفر الى ذلك الذي هو اصل الارتسام . لان من اسرع الى ذلك الحسن في الاجساد قاصداً ان يمسك به على انه الحق , حدث له ما حدث لذلك الرجل الذي تشير اليه القصة المختلقة (  أسطورة نرسيس , الذي استمد منها فرويد اسم النرجسية ) فيما اذكر : رأى صورة جميلة تطفو على وجه الماء , فأراد ان يقبض عليها فرمى نفسه في عباب النهر , فاختفى .
وهذا ما  يتم لا محال لمن اخذ بحسن الاجساد ولم يعدل عنه : انه ليهوي لا في جسده بل في نفسه الى اسافل الظلام التي تتنافى مع الروح".

شهاب الدين السهروردي ذلك المتصوف الخطير لمح بإشراقاته بأن الأسطورة تختلف بالشكل و تلتقي بالمعنى والحقيقة , فكان السد بين هذه الأشكال هو الزمن , لذلك أزال الركام , ربما أراد أن يقول بأن الزمن في سعي دائم نحو " التوحيد "

إنليل هو إله الهواء في الأساطير السومرية , والأساطير مهما اختلفت في الزمن فهي ترتبط بأساطيرنا , فالإنسانية لم تختلف إلا بالمفردات .
اذا كان أفلوطين ويونغ يبحثان عن المعنى , و السهروردي يبحث عن التوحيد , فلا شك بأن البشرية تبحث عن صاحب الزمان

العنوان الأول : حكاية إنليل 


أنشودة :

بلا انليل لا تقام السماء ولم يكن للشمس وجود
بلا انليل لا ترتاح العصافير في اعشاشها
لا تعترف السماء بزرقتها
لا ينزل المطر من أحشاء الغيوم
هل دونك يا انليل آتى القمر
   ومن حوله
            تراقصت النجوم ؟
أي انليل يا رب الهواء يا سر كل البلاد

**

بلا انليل تنكر الأرض ترابها
تهجر الأشجار ثمارها
وتذوب الصخرة بين السدود

انليل يا عطش الماء
                        وظل الحرور
هل دونك يا انليل يبيض السمك
        وتنمو اللألئ في البحور ؟
 أي انليل يا رب الهواء يا سر كل البلاد


وحدة انليل :

- انليل ! ماهذا الحزن في عينيك ؟

أعطيهم الهواء وأنا مختنق ..

- انليل ! ماهذا الحزن في عينيك ؟

أروي جموعهم وأنا في وحدتي احترق

- انليل ! ماهذا الحزن في عينيك ؟

أين سأنحت نواميسي؟

- انليل ! ماهذا الحزن في عينيك ؟

كيف العناق
    كيف ينتهي الموت
           إلا بالعناق
كيف تنفتح الزهرة
     ان لم تعانق الشمس

فأين من يبدد ظلمة وحشتي
بنور حسنها
أين من يذيب جليد عزلتي
بدفئ انوثتها

- يا اله الهواء  أكل هذا الحزن يجول في قلبك
ويعض عينيك الدموع ؟

ان معشوقتك هناك يا انليل
               في أقصى المدينة
يعصرها الخجل والانتظار لقدومك
فاستنشق عطر الشوق من شعرها
             انها في اقصى المدينة يا انليل

**

اللقاء :


من هذه الذي مضيئة كفجرٍ لازوردي ؟

- أنها حبيبة قلبك يا انليل

ما هذا الذي أحسه لأول مرة  ؟

- انها الفرحة المفعمة بشذى الورد في قلبك يا انليل .

أبلغها عن حبك ووحدتك

 أن كل مافي السماء من سواد وظلمة فهو من حزنك

أحكم قواك
 وبحبر الحب أكتب نواميسك على جسدها

أي انليل يا رب الهواء يا سر كل البلاد !

**

وبعد ان عاد نليل مبللاً بالحب
جففته الآلهة بالعقاب للعالم السفلي
تبعته ننليل بعينيها الفضيتين
وفي احشائها نانا الهة القمر

رآها انليل وقال كالعندليب النائح
ننليل يا ام القمر
سيخرج القمر ويضيء السماء
سيخرج القمر ويثقب الظلام
سيرعى تحت عبائته كل الكائنات
سيكون انان رمز الحب
سيكون انان رمز الحب
سيكون انان رمز الحب 


العنوان الثاني : ( انليل في العالم السفلي يبحث عن حذاء  ..)

حذاء 
وهذه الارض تعادي قدمي 


رجلٌ في الطين .. رجلٌ في الثلج .. رجلٌ على الجمر 
تبهت خطواتي حين ترى السماء الشائقة 
شاخت خطواتي . في ساقي جرحٌ ونفق واغاني بعيدة 


اجلس عند قارئة الكف. امد قدمي 
تنظر الي باستغراب
اضحك ..
وعزائي اني حين اكون بين يديك يا ربي
سأكون حافيا
لتشفق على عبدك الذي انتهت حياته تحت ظلال الحذاء
يتعثر في عطش الطريق 
يسألك حين يقوم وحين يتقلب مع الساجيدن
كم ستطول المسافات ؟
لماذا ليست جثتي اصغر حتى انام في جواربي؟ 
لماذا كل حاولت ان اعانق موتي 
تخلق لي حياةً جديدة
أكون فيها
حذاءً
ضيقاً
لأقدام
هذه
الحياة 


*طلقة : ظواهر , مشاعل , غروب , غناء حمامة . سلام , واستسلام
نشيدٌ وطني ٌ لبلدٍ منهوب وصحفٍ لا تعرف الألوان 
تسقط الطلقة وهي في طريقها للحرية والجنون 
وتسقط الأرض
بآلاف القصص والبترول
اقصيدة هي ؟
بل ممات .. سماوات .. جرحٌ يصل للسماء السابعة
ولا من انين 
تضيع الطلقة 
نسمع صدى البارود
وتحلم ثقافتنا بعشقٍ من نار وامرأة من حطب ودخان


لو حطت عصافير الاسئلة يوماً على جفن الغناء
وصدحوا لأجل عينيكِ
فبماذا ستجيبين وكل حرفٍ فيكِ يهدد اعشاشها وقلبي 

منافي 
طلقة
حذاء
لو اختصرت عمري كله  بكلمةٍ واحدةٍ
لقلت : آة

العنوان الثالث : ( انليل في العالم العلوي ينشد الختام )

ازداد جهلأ بعد كل كتاب .. أتلوا حياتي ورقة ورقة /  ألتهم ساعاتي بازيز الامنيات الطائشة , واصر على هواءكِ كالمخنوق .  يا فاصلة الزمن المباح  , لماذا يتغير الايقاع  بصوت خطواتكِ : تك تك – ...كم هو طويل حوافر هذا الحذاء /  اغمسيه في خاصرة أحزاني  ليكون صراخي فيكِ تحرري من الصمت, وذبول افواه الناس
 البنادق ما عادت هي البنادق/  وانا اتذكر هذا الكم الهائل / هذه الخريطة التي رسمت على جسدي هنا نقش شين وهنا نقش صاد وهنا واو جسدي كومة من الخرائط المحترقة وثقوب ورذاذا فلين / كأنني متاهه للبوصلة ولعبة شطرنج لا تنتهي .
 اني اظافر من رصاص فأين المحبرة والممحاة لتمحو عن عامودي الفقري كل هذا الماضي الثقيل؟؟
 اشعر
      ان
         الكون حوت عملاق عملاق لدرجة ان مشاويري كلها لم تفلح الا في رؤية بريق لعابه/ ادخل/ اغرق واقول لنفسي : يونس لا يقضي نصف الصحراء على دراجات هوائية , شاردا بأرقام الحافلات . انت في الظلام لا غار حراء يرثيك ولا اعقاب السنديان .

يضحك الحوت ويلفظني بلا وطن أو صديق , أجر صليبي أبحث عن أي حسناء تصلبني عليه وتريح هذا القلب تسألني عن حروفي ولغتي سأقول لها صاد  لتغرس اظافرها في عروقي سأقول شين وانتظر المسامير التي ستهل على كف يدي كما كانت تهل الصواريخ على جنوب الضاحية . واعذباه ! انا اضعف ان اقول بأني يونس او نصرالله انا اضعف حتى من ان اجد انسان احبه ويحبني ..
 اضربيني بالطوفان  وارفعي هذا القلب على خصلات شعركِ كما فعلوا برأس الحسين . رماح رماح و أسألك يا موسى كيف قضيت حياتك بلا هارون ..

يسقط الثلج في خضم اشتعالي .. فهل رأيت مجمدأ يموت وهو يحترقُ ؟

هل لي يا أورشليم الحزينة  , عبق ما تبقى من هيكل سليمان ؟ أني اتوسل إليكِ بكل معابد الأرض , أن تريني ابن العذراء ليأخذني من الخنازير التي تلعق أصابعي . سريعاً أدركيني , فبولس آتٍ , والشمر آتٍ  كلاهما يبحث عن جسد المسيح

يسقط الثلج و بؤسي بحجم تحريف الأناجيل
يسقط الثلج و وحدتي ستكسر ظهرك يا كرستوفر
يسقط الثلج  و انان  يحدق ليوسف العمر ..

( العنوان الرابع : الختامية )

فالسلام عليك يا صاحب الثأر , فاني قد عشت حياةً تشبه عينيك الداميتين , اغني لأجلك وللختام 




 

2010 أحمد محمدي. Blogger Templates created by Deluxe Templates | تعريب و تطوير : حسن